2020-Aug-11
إسطنبول، المدينة الوحيدة في العالم التي تتميز بامتدادها على قارنتين منفصلتين كلياً، قارتين، كل واحدة منهم هي أيقونة لعوالم وحضارات الإنسان، حيث باتت اليوم تمثل القارة الآسيوية، أيقونة حضارات العالم القديم، بينما تمثل القارة الآوروبية أيقونة حضارة العالم الحديث، فللفنان أن يتخيل مدى جمالية مدينة فسيحة مترامية الأطراف كإسطنبول تصهر وتدمج بين الماضي والمستقبل، بين القديم والجديد، بين العتيق والحديث، والأهم من الماديات هذه كلها من المعالم التاريخية والمعالم العمرانية الحداثية، هو أنماط الحياة، حياة الإنسان الشرقي ونظيره الغربي، بما فيه من مأكولات ومشروبات، من أفكار وتوجهات، كل ذلك يتدخل في إطار نمط الحياة المتفاوت بين كل القطبين.
وإذ كنا قد أسهبنا في الحديث عن إسطنبول الأوروبية، فإننا اليوم بصدد التعرف على إسطنبول الآسيوية، وأهم معالمها التاريخية وأهم وجهاتها السياحية، ومساحاتها الطبيعية، بل وأهم أحيائها وبلدياتها، التي تشكل رونق وجه إسطنبول الآسيوية الهادىء المنبسط، مقابل إسطنبول الأوروبية الصاخبة، فإن إسطنبول الآسيوية هي الوجه الهادىء للشق الصاخب من إسطنبول، حيث ستنعم بالهدوء والسكينة صباحاً مساءاً، كما ستنعم بهوائها الذي لا تشوبه شائبة بفضل المساحات الطبيعية العظيمة والتعداد السكاني المنخفض مقارنة بنظيرتها الأوروبية.
بشكل عام تتسم المعيشة في إسطنبول الآسيوية بأنها معتدلة ومقبولة إذا ما قورنت بنظيرتها الأوروبية التي تميل إلى زيادة على كل شيء حتى ولو كان مستورداً من إسطنبول الآسيوية ذاتها، لذا يمكن للقارىء توقع معيشة معتدلة في معظم مناطق إسطنبول الآسيوية وبلدياتها، ما عدا بعض البلديات أو الأحياء الخاصة مثل إسكودار وكاديكوي وغيرها من الوجهات الساحلية السياحية، فإن خصوصيتها تضفي على معيشتها زيادة نسبية متوقعة.
لا يقل نصيب إسطنبول الآسيوية بواجهاتها العمرانية وتشكيلاتها الهندسية في عالم العقار والبناء عن نظيرتها الأوروربية بشيء، وفي ذات الوقت يمكنك ملاحظة اتساق وتناعم التصميم العمراني لأحدث المشاريع والأبنية بالقرب من المعالم السياحية بدون أي تشتت في الصورة، أو شذوذ فني. كل شيء متداخل ومنسجم هناك.
على الرغم من التوجه الحكومي الواضح باتجاه إسطنبول الأوروبية، إلا أنه لا يأتي إلى استجابة للكثافة السكانية الصاخبة هناك، ليس إلا، فإن إسطنبول الآسيوية تحظى بدعم حكومي متساوي ومنسجم مع كثافتها السكانية المعتدلة، فلن يشعر المقيم في أي بلدية أو حي من أحياء الآسيوية بنقص أو حاجة للتوجه لإسطنبول الأوروبية للحصول على بعض الخدمات الحكومية أو الوصول لأي من المرفقات العامة مثل الجامعات والمشافي التي تتوافر نظائرها بين كلا الشقين بلا تفاوت.
عند الحديث عن الطبيعة بين كلا القسمين من إسطنبول، فإنه لا يمكن حتى مقارنة كلا الشطرين ببعضها البعض، نظراً لتفوق إسطنبول الآسيوية بالمطلق بفضل عشرات الحدائق العامة التي تعتبر من أجمل الحدائق الإقليمية والعالمية، وبفضل المساحات الخضراء التي حفظت من يد الإنسان من الأساس، الذي يعود على سكان المدينة بخيراتها وهوائها الذي ستدرك حتماً الفرق بينه وبين أي مكان آخر ومن أول نسمة.
في إسطنبول الآسيوية وفي كل عام، تشيد عشرات المشاريع الضخمة التي تضاهي نظيرتها في الشق الأوروبي، وفي مختلف بلديات وأحياء المنطقة، وفق أعلى وأفضل المعايير الدولية والهندسية، والتجهيزات الفارهة والعصرية، وعلى الرغم من ذلك يمكن القول مجازاً على عموم المنطقة الآسيوية بأنها توفر خيارات أكثر اعتدالاً وتشكل خياراً اقتصادياً للوصول والحصول على أرقى وأفضل أنماط الحياة بل وأفضل من نظيرتها الأوروبية هناك بفضل طبيعة المنطقة ذاتها ومعالمها وخصائصها، ضمن أسعار أكثر قبولاً. وبالتأكيد تبقى هناك بعض المناطق التي تشذ عن التوجه العام، أمثال إسكودار وكاديكوي السياحيتان.
خصائص: عشرات من ملاعب كرات السلة والقدم والتنس ومضامير التزلج وسباق الخيول وبرك المياه وصالات التزلج وغيرها من مساحات الترفيه وسط المساحات الطبيعية الفسيحة.
خصائص: تلال عالية تأخذ بك بإطلالات بانورامية على عموم المدينة، وسط زهور زاهية ومتناسقة لن تشاهد مثيلاً لها.
خصائص: تستهوي قلوب الشباب، حيث ركوب الدراجات والتمتع بغروب الشمس وأجمل تشكيلات الزهور والجولات الصباحية.
خصائص: تستهوي العائلات بمساحاتها المخصصة لصغارهم وألعابها وجلساتها العائلية.
بمساحة تقارب 120 ألف فدان، تعتبر هذه الحديقة أكبر حدائق إسطنبول قاطبة، وتحتوي أكثر من 120 نوع من النباتات، كأشجار الصنوبر والأرز والكافور التي لن تشاهد لها نظيراً في حياتك، وتلك النوافير والمغارات التي لن تنسوها في جولاتكم مدى العمر.
إرث تاريخي ساحر للمدينة، يتيح لك فرصة تناول وجبة الطعام وسط البحار!
مياه لؤلؤية صافية لا مثيل لها، تستهوي كل السائحين.
واحدة من أجمل محطات السكك الحديدية في تركيا والعالم، حتى أن هناك مخططات لتحويل هذه المحطة الأثرية والشاهدة التاريخية إلى متحف من شدة تهافت السياح إليها.
إذا كنت تبحث عن المقهى الأجمل عند صعودك بالتلفريك للتمتع بإطلالة على مضيق القرن الذهبي، فمقهى بييرولتي الشهير هو وجهتك!
قصر السلطان عبد العزيز ومسكنه الصيفي ومضافته لكبار الزوار، يعد متحف بمعنى الكلمة.
منطقة مطلة على مضيق البوسفور تحتضن شعرات المطاعم والمقاهي التي ستقضي بينها يومك دون ملل ولا كلل لتكون واحدة من أجمل ذكريات العمر بإطلالتها وأجوائها وطبيعتها.
وغيرها من عشرات القصور والمتنزهات والحدائق الطبيعية والوجهات السياحية والتاريخية التي تحتضها هذه المنطقة الآسيوية من إسطنبول لتبقى شاهدة على آثار حضارة غابرة، لا نظير لها. سجلتها هذه المدينة بين ثنايا جنباتها لتبقى شاهدة، وشاء لها أن تبقى لتختلط وتمتزج بحضارة الإنسان المعاصر ليتمتع أهلها وسكانها بخير الماضي والحاضر والمستقبل، ضمن نسيج متناغم ومتناسق!